٢١ كانون الأول ، ٢٠٢٤ ٠٥:٠٢ ب.ظ

كلمة وزير العدل في ذكرى تفجير مسجدي التقوى والسلام
رجوع
٢٥ آب ، ٢٠١٤

كلمة وزير العدل اللواء أشرف ريفي

في الذكرى السنوية الأولى

لجريمتي تفجير مسجدي التقوى والسلام

طرابلس في 23/08/2014

 

 

بدايةً لا بدَّ من توجيه تحية إكبارٍ وإجلالٍ، إلى أرواح شهدائنا الأبرار، الذين روَوا بدمائهم الطاهرة أرض طرابلس، وحموا المدينة من فتنةٍ أُريد من خلالها ضربَ الاستقرار والعيش المشترك.

لقد سعوا لإسكات هذه المدينة وإسقاطها، تمهيداً لاستكمال مشاريعهم الرامية إلى وضع اليد عليها، وبالتالي على شمال لبنان، وإسقاط كلّ الوطن.

إنّ العناية الإلهية، أرادت لهذه الدماء الطاهرة التي سُفِكَت أن تكون قرباناً يحمي هذه المدينة ويحمي الوطن، وها نحن اليوم، وبعد مرور سنة على الجريمة النكراء، نجتمع معاً لنؤكد أنَّ إرادتنا بالحياة أقوى من إجرامهم وظلمهم وجبروتهم.

 

أيها الأخوة،

في هذه المناسبة، أعلنُ لأهالي الشهداء، أهلي في هذه المدينة، ولكلّ اللبنانيين، أنّ المحقق العدلي قد بدأ يوم أمس تحقيقاته مع الموقوفين، ونحن نعِدُكم أننا سنتابعُ هذه القضية لإحقاق الحقّ وإقامة العدالة إلى أنْ ينال المجرمون والمحرضون عقابهم.

 

أيها الأخوة الكرام،

ليس من قبيل الصدفة أن يستهدف المجرمون بيوت الله، فتراثهم في الإرهاب والعنف في لبنان وسوريا، حافلٌ بعمليات الاغتيال والإرهاب، وباستهداف المساجد والكنائس.

فمن اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشهداء ثورة الإستقلال، ومن نفّذ أبشع الجرائم في بيروت، وسوريا، استهدف عبر جريمته هذه وبواسطة عملائه، صمود هذه المدينةِ البطلة وعيشها المشترك.

ولكنّ إيمانكم كان أكبر من حقده وإجرامه، فأسقطنا وإياكم مشروعه، واستمرّت طرابلس مدينة لكلّ أبنائها، واستمرّ معها وبها الوطن.

أيها الحضور الكريم،

يا أهل الشهداء الأبطال،

كنتُ في منزلي لحظة وقوع الانفجار وعشتُ وإياكم هولَ المجزرة، ورغم الألم الكبير، كان أول ما فكرت به، قطعَ الطريق على ما أراده المجرمون.

لقد أدركنا حينها، أنّ ثمة مؤامرة كبيرة تُحاك ضد المدينة والوطن، ولا بدّ من قطعِ الطريق عليها، عبر الاحتكام، إلى مؤسسات الدولة، وعدم الانزلاق، إلى الفوضى والعنف والأمن الذاتي.

رغم هول الجريمة، لم يتوقف إجرامهم، فأرادوا الإستمرار بجولات العنف العبثية، حيث عاثوا بالمدينة خراباً، وحاولوا تدمير سلامها وتقواها واستقرارها واقتصادها.

لقد حاولوا، جرّنا الى مسارات خاطئة، طالما رفضناها.

لقد أحبطتم، أيها الرجال، هذه المؤامرة، ومنعتم الفتنة الكبيرة وأكدّتم أنّ مدينتنا الصامدة، هذه، ستبقى سداً منيعاً لاستمرار لبنان وطناً عزيزاً كريماً سيداً مستقلاً.

 

 

أيها الإخوة،

أيها الأبناء،

بسرعةٍ قياسية، اكتشف ضباط ورجال، شعبة المعلومات المجرمين.

باسمكم وباسمي، أوجّه تحيةً كبيرة لرجال هذه الشعبة.

 باسمي وباسمكم، أوجه تحيةً كبيرة لروح الشهيد البطل اللواء وسام الحسن.

 باسمي وباسمكم، أوجه تحيةً كبيرة لروح الشهيد البطل الرائد وسام عيد.

إنّي على ثقة بأنّ المجلس العدلي، الذي تسلّم ملف المسجدَين سيأتي بالعدالة، نعم سيأتي بالعدالة، ويحاسِب الجناة، أيّاً كانوا.

 

أيها الأحباء،

 إنَّ طرابلس، مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ستبقى صامدة، ملتزمة بمشروع لبنان أولاً، وستبقى، تراهن على الدولة، ومؤسساتها الشرعية، التي هي وحدَها، الضامن لأمننا واستقرارنا.

إن الوطن لا يُحمى بالتطرّف ولا بالأمن الذاتي، بل بالالتزام بالدولة وبالقيم الوطنية التي زرعها الرئيس الشهيد رفيق الحريري (رحمه الله)، والتي يؤتمن عليها اليوم الرئيس سعد الحريري. ونحن معه، وإلى جانبه في هذه المسيرة.

نحن نعلم، أنَّ صُنع السلام، أصعب بكثير من الهروب إلى العنف والفوضى، فالأوطان تُبنى وتنمو بالأمن والاستقرار، ومن حقّ، أبنائنا علينا، أن نؤمّن لهم حياةً آمنة مستقرّة.

 

أيها الإخوة،

علّمنا التاريخ، أنَّ أنظمة الإستبداد والقمع لا تبني الأوطان، وهي، وإنِ استمرت بالحكم، بالحديد والنار، لفترةٍ ما، فمصيرُها السقوط والزوال. إنها سنّةُ الحياة.

ها هو نظام بشار الأسد، يُعطي نموذجاً عن الإرهاب المنظَّم، لقد قتل مئات الآلاف من شعبه، وأراد نقلَ النيران إلى لبنان.

لكننا، منعناه من تحقيق ذلك في هذه المدينة العزيزة.

هكذا فعلنا، وهكذا فعل أهلنا في عرسال البطلة.

لقد صنعَ هذا النظام قوى العنف الأعمى والتطرف لتبرير استمراره. لقد مارس كل الموبقات والجرائم.

قطع الرؤوس، فقطعوها.

دفن الأحياء، فدفنوا الأحياء.

اقتلع الحناجر، فجزوا الرقاب.

قتل الآلاف بالكيميائي والبراميل المتفجرة.

مارس القتل الجماعي، فنفذوا الإعدامات الجماعية.

فكما ارتكب هذا النظام الإرهاب، ترتكبه داعش وأخواتها.

لقد تستّروا بالإسلام، والإسلام منهم براء.

إن من سكتوا عن جرائم النظام السوري وإرهابه، هم شركاء في الجريمة.

فمن يرتكب الجرائم الإرهابية، ويُبدي الخشية من الإرهاب، هو منافقٌ، إرهابي بامتياز.

 

 

 

 

أيها الحضور الكريم،

إنّ أهل الاعتدال، من كل الطوائف، قادرون على مواجهة الإرهاب بوجهيه، وأنا متأكد، أنَّ ربيع الاعتدال والديموقراطية وكرامة الإنسان، في لبنان وسوريا والعالم العربي، أقوى من إرهاب الأنظمة الاستبدادية وإرهاب التطرّف، فالاعتدال هو المنتصر.

نعم إنّ الاعتدال هو المنتصر، بإذن الله.

 

أيها الإخوة،

إنّ لطرابلس حقٌّ على الدولة.

ونحن، ومن موقع المسؤولية، نؤكد على العمل باستمرار لتحقيق ما تستحقّه هذه المدينة من أمنٍ وإنماء، وتفعيل الدورة الإقتصادية وإيجاد فرص عمل للشباب.

فلا أمن دون إنماء، فكما يؤدي الإستبداد إلى التطرف، كذلك يؤدي الفقر والحرمان إلى التطرف.

 

أيها الإخوة الأعزاء،

من طرابلس مدينة السلام والتقوى والعيش المشترك، نقول: إن أدياننا السماوية تختزن كل معاني القيم الانسانية والأخلاق والاعتدال.

نحن أبناء هذا الوطن بمسلميه ومسيحييه، سنبقى ندافع عنه ليبقى وطناً نهائياً لجميع اللبنانيين.

 

عشتم، عاش شهداؤنا، عاش لبنان.